Monday 10 December 2012

بختيار امين: طاولة مستديره عالية المستوى في مجلس اللوردات البريطاني تعني بمياه الشرق الاوسط

بناية  مجلس العموم واللوردات على نهر تيمس في لندن
 
  
العراق ينعى دجلة والفرات في 2030
أنقرة ودمشق تحبس المياه بمعدل جريان 4 سنوات
طهران تتعمد تجفيف 24 مصدراً مائياً إلى العراق
 2012-12-09الصباح الجديد
 
أفصح وزير حقوق الانسان الأسبق بختيار أمين عن أسرار و وقائع موجعة تتعلق ملف المياه في العراق، مؤكدا ان التقديرات والارقام تُرجح جفاف نهري دجلة والفرات عام 2030 اذا لم تُتخذ الإجراءات المناسبة من الجهات الرسمية للحد من التناقص في منسوبيهما واللذين فقدا ثلثين المياه عمّا كانا عليه قبل اربعة عقود، مشيرا الى ان تركيا وسوريا تحبس المياه عن العراق بمعدل جريان اربع سنوات، وان بغداد تحصل على نصف حصتها من تلك المتفق عليها مع دمشق وانقرة، مشيرا الى ان طهران تعمدت تجفيف 24 مصدر مائي ينبع منها نحو العراق احدها القى بتأثيره السلبي على مليون و 500 الف مواطن في ديالى.
كما عرّج أمين في حوار خاص وصريح مع (الصباح الجديد) على تقارير المنظمات الدولية التي تخصّ المياه العراقية وقال ان هذه المنظمات غير راضية على صلاحية الماء للشرب والذي يتحصل عليه 43% فقط من سكان المناطق الريفية، اما البقية فهي ملوثة افضت الى امراض عديدة كانت نتيجتها حالات وفاة لا تحصى في صفوف الاطفال بأعتبارهم الشريحة الاضعف جسديا في المجتمع.


ويعاني العراق من وجود شحة كبيرة في المياه ضمن حوضيّ دجلة والفرات بسبب قيام دول الجوار وبالذات تركيا بتقليل تدفق المياه إلى الأراضي العراقية من خلال روافد نهر دجلة نتيجة لإنشاء سدود كبيرة في أراضيها ومنها سد أتاتورك الذي يعد خطراً كبيراً يهدد مستقبل العراق المائي، كما كان للسلطات الإيرانية دوراً مماثلا من خلال تجفيف منابع عشرات الأنهار التي كانت تتدفق من أراضيها لتصب في الأراضي العراقي ولقيت تلك التصرفات اعتراضات شديدة من الجانب العراقي على المستوين الرسمي والشعبي.
وقال أمين "عقدت قبل أيام طاولة مستديرة عالية المستوى غير رسمية تُعنى بادارة المياه في منطقة الشرق الاوسط في مجلس اللوردات في لندن بمشاركة عدد من الشخصيات العامة في بلدان المنطقة من الاردن ولبنان وتركيا و كنت ممثلا عن العراق و معي سفير بغداد في منظمة الفاو د.حسن الجنابي و كذلك طالب مراد مستشار حكومة اقليم كردستان للامن الغذائي بالاضافة الى عدد من الخبراء الدوليين في مجال المياه".
واضاف امين ان "كان هناك تقرير عن وضع المياه في المنطقة يتضمن جميع مجالات استخدامها والمشاكل التي تعاني منها" مشددا على ان "الحديث لم يتطرق الى الامور الفنية انما البحث عن مدى امكانية وضع حلول لمشاكل ادارة المياه في المستقبل واستهلاكها والبدء بفكرة جديدة في استعمالها داخل إطار منطقة الشرق الاوسط".
ونفى امين "ان يكون اجتماع لندن الاول الذي طرحت من خلاله مشاكل المياه في المنطقة بل كانت هناك لقاءات عدة سابقة تطرقنا من خلالها الى التصحر واتساع ظاهرة الغبار والعواصف الرملية والحاجة الى سياسات عبر البلدان لحل هذه المشاكل" محددا ان "جوهر المعاناة في العراق يكمن في الافتقار الى اتفاقيات اقليمية حقيقية لادارة المياه مع الدول المتشاطئة لدجلة والفرات كتلك الموجودة بين البلدان التي تطل على نهر الراين والدانوب فهناك لجان بين تلك الدول تعمل على تقاسم المياه فيما بينها".
و يصف وزير حقوق الانسان الاسبق الاتفاقية الوحيدة التي وقعها العراق مع جيرانه بخصوص توزيع المياه بالمشاورة ويقول ان "اتفاقية لوزان مع تركيا كارثية على العراق لا سيما سكان اقليم كردستان وان احد اسباب عدم وجود اتفاقية واضحة المعالم في الوقت الحالي ضعف العراق وسلوكية وتعالي بلدان المنبع واقصد بذلك تركيا بالاضافة الى سوريا، فدول المنبع دائما ما تشعر بالتعالي بأنها تستطيع افقار الدول الاخرى التي يسير فيها النهر نحو المصب وهذه المشكلة لا يمكن معالجتها الا باجبار الطرف المتعالي على اتفاقية لتوزيع المياه كما حصل في اوربا وهو ما نحن عاجزين عليه حتى اللحظة مع جيراننا بسبب عدم وجود تعاون مائي واقتصادي وزراعي بين الطرفين"، مستدركا انه "على العكس هناك مشاريع لدول الجوار تفقر العراق من المياه كما يحصل في الحسكة بين سوريا الكويت اذ تم سحب مياه خابور بنحو مليار و500 مليون متر مكعب وكذلك الحال بالنسبه للجانب التركي الذي عقد اتفاقية مع دمشق في زمن رئيس الوزراء ناجي العطري لمشروع نهر صباب واثر على بغداد لكن الاوضاع الجارية في سوريا حاليا انعكست سلبا على اتمام هذا المشروع"، متابعا ان "تركيا لديها مشروع اليسو على نهر دجلة وبمجرد الانتهاء منه ستخفض مياهه من 20 مليار مكعب الى 9 مليار فقط وان هذا الاجراء سيحل بكارثة على مساحة اراضي زراعية تبلغ حوالي 670 الف هيكتار في العراق بالاضافة الى التاثير على اراض في جنوب تركيا كقلعة حسن كيف التاريخية وتؤدي الى نزوح 24 الف شخص من تلك المناطق التي ستصبح تحت المياه".
وعلى نهر الفرات يُبين امين ان "هناك سبعة سدود اثنان منها باسم جنوب شرق انطوليه الذي تبلغ تكلفته 32 مليار دولار بالاضافة الى سد اتاتورك ستخفض نسبة المياه على العراق مع تلك السدود الخمسة التي بناها السورين على الفرات".
ويكشف وزير حقوق الانسان الاسبق ان "نسبة حجم المياه في العراق تناقصت الى الثلث عمّا كانت عليه قبل اربعة عقود اي اننا فقدنا ثلثين خلال تلك الفترة وهناك مناطق يستطيع الشخص عبور نهر الفرات مشيا فيها وان تقارير موثوقة بها تؤكد جفاف دجلة والفرات اذا ما استمر الحال على ما هو عليه بعد 15 عاماً بما لا يتجاوز 2030 اما الحديث عن بقاءه الى سنة 2050 فهذا توقع متفائل لأن الواقع مرير وينبغي معالجته باسرع وقت ممكن كونهما يعتمدان بشكل اساسي على الامطار التي هي متذبذبة بين موسم وآخر وفي تناقص مستمر فمصادرنا الخارجية لدجلة والفرات تبلغ 50 %" مشيرا الى ان "هناك 42 مصدر ايراني للمياه العراقية 24 منها وصلت الى مرحلة الجفاف بسبب الاجراءات التي تتخذها طهران للحد من وصول المياه الى الانهر العراقية اما بالتوقيف او المصادرة او تغيير المجرى وعلى سبيل المثال ان نهر الوند يعيش عليه مليون و500 الف مواطن أو ما يعادل سكان غزة وهو اليوم شبه جاف لا تدخله المياه الا في حالة الفيضان"، متهما "طهران أنها حتى لو ارادت فتح الميـاه فانهـا ستحتـوي علـى المزابل ومياه المصانع غير الصحية".
ولم يكتف امين بهذه الحقائق والاحصائيات الخطيرة بل زاد ان "تركيا وسوريا تخزنان المياه عن دجلة والفرات بما يعادل سيلانهما لمدة اربعة سنوات في السدود التي تم بناءها خلال السنوات الماضية وهذه كارثة على العراق، ويلفت الى ان "97% من المياه في العالم مالحة و التي تعد عملية تكريرها باهضة الثمن وهي مشكلة موجودة لدى دول الخليج اما البقية فهي عذبة مقسمة على 3 اصناف اقلها نسبه مياه الانهر العذبة وتعتبر معتمدة على الامطار وهي التي توجد في العراق الذي يعد على خط ازمة المياه بالمرتبة الثانية بعد تركيا"، موضحا "لدينا بحدود 2400 الف متر مكعب من المياه لكل شخص سنويا بعدنا دول الخليج وسوريا والاردن وتزداد الازمة صعودا الى اوربا"،شارحا انه "حسب احصائيات الامم المتحدة فان حاجة الانسان للمياه سنويا تقدر بـ12 الف متر مكعب لكل شخص وهو ما يدلل تراجع العراق في مستوى التنمية المرتبطة بشكل وثيق مع استخدامات المياه الانسانية والصناعية والاقتصادية".
واعرب وزير حقوق الانسان عن اسفه لعدم "افادة العراق من مياه الانهر التي تجري في البلاد، فسديّ دوكان ودربنديخان توجد فيها 10 مليارات متر مكعب من المياه وهذه نسبة ما يستخدمه العراق في حين انه يحتاج الى المزيد ونحن بحاجة الى بناء سدود كاملة للافادة اكثر من المياه زراعيا وصناعيا واقتصاديا حتى الامطار لا توجد لدينا اجراءات حقيقية ولازمة للتعامل معها بدرجة من التقنية والدراية فالكثير منها تذهب هدرا وان وصول المياه الى شط العرب واصطدامها بتلك التي تأتي من الخليج يحولها الى مالحة في البصرة و هكذا فهي تقضي على الثروة السمكية جنوب البلاد وتخلق نازحين".
واستطرد امين الى "ان المعلومات التي اتحدث بها غير سارة للدولة العراقية فأنا اليوم انبه الجهات المعنية لاتخاذ الاجراءات اللازمة، لان نوعية المياه العراقية للشرب والاستخدامات الاخرى كالزراعة رديئة جداً، 20% من التي تستخدم في المنازل غير صالحة للشرب وتخلق امراض كالاسهال التي اصيب بها 80 الف شخص في 2010 وكذلك الحال بالنسبه لانتشار امراض الكوليرا وهناك حالات وفاة لاطفال رضع بسبب وساخة مياه الشرب واختلاطها بالمياه الثقيلة وهي توثر ايضا في الزراعة" اما بالنسبه للمناطق الريفية يقول امين ان "الوضع اسوأ فالاحصائيات تؤكد ان 43% فقط من سكان الريف لديها ماء صالح للشرب"، وينبه ان "المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة كمنظمة الصحة الدولية واليونسيف غير راضية عن نوعية المياه في العراق لوجود انتهاك لقواعد استخدامه بالشكل الصحيح".
يذكر أن مرض الكوليرا يعتبر من الأمراض المعوية المعدية وتنتقل جرثومة المرض إلى الإنسان عن طريق تناول طعام أو شرب مياه ملوثة، والكوليرا هي واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة وقد ينخفض ضغط الدم في الشخص السليم إلى مستويات خطيرة في غضون ساعة من بداية ظهور أعراض المرض؛ وقد يموت المرضى المصابين في غضون ثلاث ساعات إذا لم يتـم تقديــم العلاج الطبـي.
وعن الاجراءات الحكومية لمعالجة هذه المشاكل المحدقة التي تهدد مستقبل العراق المائي ذكر وزير حقوق الانسان الاسبق ان "هناك اكثر من جهاز رقابي وتنفيذي في العراق يتابع مسائل المياه والزراعة والصحة وان النوايا طيبة لتحسين وضع المياه في العراق لكن لدينا مشاكل في ادارة هذا الملف قسم منها خارج نطاق السيطرة المحلية انما يتعلق بمنظومة دولية". و ردّا على سؤال يتعلق بالجهات المسؤولة في العراق عن تردي ملف المياه بيّن امين "انها مسؤولية تضامنية تبدأ بالمواطن العراقي الذي عليه ترشيد استهلاك المياه وهنا يقع دور الدولة في الترويج لثقافة حسن استخدامه، وهذا لا يعني ان الحكومة بوزاراتها والبرلمان بلجانه غير مسؤولين فالكل مقصر في هذا الجانب كل حسب اختصاصه، بالاضافة الى ان الاساليب التي تستخدم في الزراعة والري لا تزال قديمة ورجعية ولم تدخل التكنلوجيا الى هذا القطاع المهم والحيوي". ويمثل نظام المراشنة أحد الأنظمة التي تعتمدها الموارد المائية لضمان حصول كل فلاح على المياه الكافية لسقي محاصيله الزراعية، والمقصود بالمراشنة التناوب في استخدام مياه السقي بين مجموعة من الفلاحين على امتداد الأنهار والجداول الكبيرة ويحصل أحيانا بين فلاح وآخر على مستوى النهر الصغير بما يضمن لكل فلاح الاكتفاء من تلك المياه.
 
وبخصوص كيفية التعامل مع دول الجوار التي تحبس المياه عن العراق اعلن امين امكانية "اللجوء الى الامم المتحدة او المحكمة الدولية واجبار سوريا وتركيا على اعطائنا حصتنا لان هناك خطر محدق على العراق يتزامن مع النمو السكاني الذي يتوقع ان يصل 70 مليون نسمة في 2050 واذا ما حصلت شحة في المياه ستكون هناك كارثة"، واستطرد ان "المياه باتت تستخدم سياسيا بين دول العالم وعلى العراق ان يستفيد من هذه الفكرة لعدم الانجرار وراء صراعات جديدة وتكون الحلول سلمية في التعاون وتبادل الخبرات والثقافات مع دول الجوار كما يحصل في الدول المتقدمة لان هذا القرن مرشح لان يكون لحروب المياه في المنطقة"، لافتا الى ان "العراق حصته من المياه من تركيا حسب الاتفاق السابق 700 متر مكعب في الثانية لكن ما يحصل عليه الان يتراوح بين 200- 400 متر مكعب فقط".
ويعلل امين سياسة دول الجوار المائية تجاه العراق بـ "وجود جدوى اقتصادية لان اغلب ايرادات العراق الغذائية من تلك الدول لاسيما ايران لان بتوفير المياه سيكون هناك امن غذائي وبقطعها لمدة شهر ستكون هنـاك مجاعـة فـي البـلاد وعلينـا التفكيـر بذلـك سويـة".
ويختتم امين حديثه ببعض المقترحات التي من شأنها معالجة أزمة المياه في البلاد "استعمال المياه الثقيلة للاغراض الصناعية بدل من العذبة، والاستعانة بالوسائل المتطورة والتكنلوجية في خزن المياه والحفاظ عليها وتطوير الطاقة البشرية وبناء قدراتها في مجال الافادة من المياه وهو لن يكون الا بطاقم فني متخصص ومدرب على اعلى المستويات، ويجب ان تكون هناك حملات توعية مشتركة بين الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني لاسيما المتخصصة بجانب حقوق الانسان للتأكيد على اهمية الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها".
كما ينصح امين بـ "آلية عمل مشتركة بين الجهات الحكومية والفلاحين والمزارعين لافادة اكبر من مياه الري لاننا عرضة للتغيير المناخي والاحتباس الحراري التي لها مردودات اقتصادية وزراعية عديدة، ونحتاج الى تأسيس وبناء وحدات المياه بشكل صحي ونأخذ خطوات نحو تقليل الفوارق في استخدام المياه بين المناطق الريفية والمدنية من جانب والفقراء والاغنياء من جانب آخر، وعلينا الاستعانة ببحوث تشرح كيفية استخدام المياه الثقيلة في مجال السقي وعلى اي نوع من المحاصيل، كما يجب ان تكون هناك دراسات للحاجة الى المياه وتشجيع الفلاحين على استخدام اساليب جديدة في الري التي من شانها خزن اكبر قدر منها وتاسيس جمعيات للمستهلكين ونشجع زراعة الحبوب التي تستهلك اقل قدر من المياه واستحداث مشروع وطني لمعالجة ومعاملة التغيير المناخي وتأثيره على مستقبل الماء في العراق وتكملة وبناء مشاريع السدود وتهيئة البلاد لاستقبال اي ازمة مياه مستقبلية، واستخدام الطرق الحديثة في معالجة ازمة الملوحة كما يحصل في جنوب العراق، ودرج مفهوم ادارة المياه في المناهج الدراسية بجميع مراحلها".





No comments:

Post a Comment