Friday 4 October 2013

اصطياد الرطوبة وحلول غير تقليدية لسد العجز المائى

 
المصدر: الاهرام المجلة الزراعية
1.9.2013
يواجه قطاع المياه فى مصر الكثير من التحديات والتى من أهمها محدودية موارد المياه، وتدهور جودتها نتيجة لزيادة السكان ونقص الموارد المالية. كما تعتبر عدم دقة البيانات وانخفاض مستوى الوعى العام بما يتعلق بإدارة المياه واستخداماتها أحد أهم التحديات التى تواجه المستقبل المائى لمصر ومن المعروف أن استخداماتنا المائية قد فاقت الموارد المتاحة منذ سنوات طويلة، وحاولت الحكومات المتعاقبة تعويض العجز عن طريق تدوير المياه المستخدمة وتقليل الفواقد ومحاولة ترشيد الاستهلاك فى القطاعات المختلفة وتؤدى كل من الزيادة السكانية المضطردة وارتفاع مستوى المعيشة والتوسعات الزراعية إلى زيادة العجز المائى باضطراد مما يزيد الحاجة لمزيد من الترشيد وإعادة الاستخدام والبحث عن طرق غير تقليدية.


ومن أحدث الطرق والتقنيات فى هذا المجال تقنية الحصول على المياه من الرطوبة الجوية والمعروفة باسم اصطياد الرطوبة وهذه التقنية بدأت بالفعل بعض الدول فى تطبيقها على نطاق واسع، الدكتور محمود مدنى رئيس البحوث بمركز البحوث الزراعية والخبير فى تقنيات المناخ الزراعى يشرح إمكانية تطبيقها فى مصر لتقليل العجز المائى.

بعد انتشار ما يعرف بزراعة الأسطح المنزلية فى الخارج بهدف التغلب على المشاكل البيئية والتى تقوم فكرتها الأساسية على توفير حزم تقنية بسيطة ومناسبة لكل منزل بحيث تكون على هيئة نظم متكاملة ذات احتياجات إنشائية وتشغيلية بسيطة تتطلب الحد الأدنى من مدخلات الإنتاج اتجه التفكير للاستفادة من الرطوبة الجوية فى رى تلك الحدائق خاصة بعد الاعتراضات العديدة لاستخدام مياه الشرب فى ريها لأنه يمثل إهدارا للموارد التى أنفقت فى تنقيتها فضلا عن احتوائها للكلور الضار للنباتات.

وفى الخارج تهتم السلطات بأن تكون الحدائق المنزلية والمسطحات الخضراء ذات طابع إنتاجى يتولى سكان المدن إنشاؤها ورعايتها لكى يعود عليهم مردود مادى ليُفعِّل مشاركتهم ويحفزهم على العناية بها وإنشاء المزيد وبذلك انتشرت نماذج عديدة لأجهزة حصاد الرطوبة وبقدرات متفاوتة

المناخ المصرى:
من المعروف أن المياه العذبة تشكل نحو 2.5% من إجمالى المياه الموجودة على سطح الكرة الأرضية وإذا نظرنا إلى توزيع هذه المياه العذبة سنجد أن 68.7% منها عبارة عن جليد- 1. 30 % مياه جوفية 8. % أراضى ثلجية بالإضافة إلى 4. 0% مياه سطحية ورطوبة جوية وينقسم هذا الجزء الأخير (المياه السطحية والرطوبة الجوية) إلى 4، 67% بحيرات عذبة- أراضى رطبة 5، 8%- رطوبة تربة 2. 12%- أنهار 6. 1% رطوبة جوية 9.5% نبات وحيوان 8.%  ومن هنا يتضح أن كمية المياه الموجودة فى الرطوبة الجوية تعادل نحو ثمانية أمثال تلك الموجودة فى كل أنهار الكرة الأرضية.

أما بالنسبة لمعدلات الرطوبة فى مصر فإن المتوسط العام السنوى لقيم الرطوبة النسبية يتراوح ما بين 30 إلى90%، ويختلف توزيع هذه القيم باختلاف الموقع. وهذا المعدل يتيح استخدام تقنية اصطياد الرطوبة فى معظم مناطق الجمهورية على مدار العام.

مميزات الاصطياد:
- يمكن الحصول على المياه الصالحة للاستخدام بمعظم التطبيقات دون الحاجة إلى وجود مصدر ماء تقليدى.
- يساهم فى الاستفادة من المستويات المرتفعة من الرطوبة التى توجد تحت ظروف الزراعات المحمية.
- يساهم فى إقامة بعض المشاريع الزراعية بالمناطق النائية والريفية والمناطق التى تعانى من أوضاع غير مستقرة، مما يتيح إمكانية تحسين الأوضاع المعيشية لأهالى هذه المناطق تحت هذه الظروف.
- يمتاز بالمرونة التصميمية، حيث يمكن الحصول على مدى واسع من كميات المياه بتغيير مواصفاته التصميمية.
- بالرغم من اعتماده على الطاقة الكهربائية بصورة أساسية، إلا أنه يمكن إجراء بعض التعديلات به ليعمل بالطاقة الشمسية.

و على النطاق التجارى تم تصميم العديد من النماذج البسيطة لمصائد الرطوبة والتى تتباين سعاتها لتبدأ من 28 لترا- يوم لتصل إلى 120 لترا- يوم، وهذه النماذج تعمل بكفاءة فى العديد من التطبيقات وحتى داخل المنازل والغرف المغلقة.

مصائد الرطوبة:
"مزيلات الرطوبة
dehumidifier" هى أجهزة خاصة تقوم بتخفيض نسب الرطوبة الجوية من الهواء الجوى لحيز مغلق. كما تعرف أيضاً "بمصائد الرطوبة" حيث تقوم باصطياد وتكثيف جزء من الرطوبة الجوية لتحويلها إلى ماء نقى يمكن استغلاله فى الشرب أو فى أى تطبيقات أخرى. و غالباً ما تعتمد فكرة عملها على تكثيف مقدار من الرطوبة الجوية على سطح معدنى مبرد أو وسيط تبريد، حيث أن قدرة الهواء على الاحتفاظ بالرطوبة تقل بانخفاض درجة الحرارة، ومن هنا تتكثف جزيئات بخار الماء إلى قطرات يتم تجميعها فى خزان خاص بذلك. وهناك طراز آخر من مزيلات الرطوبة يعتمد على تمرير الهواء الرطب على مواد مجففة، لها خاصية امتصاص الرطوبة الجوية والاحتفاظ بها.

و أجهزة إزالة الرطوبة بالتبريد تكون أكثر كفاءة عندما يكون الهواء الجوى رطب، بحيث لا تقل الرطوبة النسبية عن 48% فى حالة درجات الحرارة المرتفعة. وفى حالة درجات الحرارة المنخفضة يفضل أن تكون الرطوبة النسبية أعلى من ذلك.

و الماء الناتج من مزيلات الرطوبة يكون منخفض الملوحة جداً، بالكيفية التى تجعله صالحاً للاستخدام بالتطبيقات المنزلية والزراعية المختلفة. وإن كان لا يوصى باستخدامه لأغراض الشرب بصورة مباشرة، حيث لا يكون آمناً تماماً. وللحصول على مياه من الرطوبة الجوية صالحة للشرب، تستخدم نماذج خاصة بمزيلات الرطوبة تكون مزودة بالمرشحات الخاصة بإعداد المياه لتكون صالحة للشرب، مع مراعاة أن يكون خزان تخزين المياه محكم الغلق ومزود بآليات للتنظيف ليحافظ على جودة المياه.

النموذج المحلى:
يجب أن يهدف أى مقترح لاصطياد الرطوبة إلى انتاج نموذج أولى لوحدة حصاد مياه من الرطوبة الجوية وكذلك تحديد أهم العوامل المؤثرة فى كفاءتها على أن تصمم هذه الوحدة لتفى بالاعتبارات التالية:
- يغطى الاحتياجات المائية اللازمة لنماذج زراعية مختلفة (زراعة تقليدية- زراعات محمية- إنتاج حيوانى- حدائق منزلية).
- أن يكون بسيط التركيب ذا تصميم مرن يلائم العمل مع المستويات المختلفة من العاملين.
- أن تكون احتياجاته من الطاقة متوازنة مع كميات المياه الناتجة منه، ومع التكلفة الاقتصادية المرغوبة لوحدة المياه.
- أن تكون خاماته واحتياجاته من الصيانة متاحة ويسيرة.
- أن يصلح استخدامه تحت الظروف الجوية المختلفة فى معظم أوقات السنة.
- مراعاة العائد الاقتصادى لإنشائه وتشغيله.
ولتلافى العديد من الاعتراضات التى قد تثار نظرا لإحتياج تلك الأجهزة إلى الطاقة الكهربية يمكن اللجوء للطاقة الشمسية لتشغيل تلك الوحدات فى المناطق البعيدة عن الكهرباء كما يمكن العمل من خلال الخبرات الوطنية للتوصل إلى نموذج يحقق الاستفادة القصوى من وحدة الطاقة الكهربائية.

الأبعاد الاقتصادية:
إن اعتماد فكر اصطياد الرطوبة الجوية والتوسع فى تطبيقه يؤدى إلى الوصول إلى مورد غير تقليدى وغير محدود للمياه يلبى الاحتياجات المائية للمشروعات الزراعية ويساهم فى حل مشاكل قطاع عريض من المزارعين بمناطق الاستصلاح والزراعة الصحراوية والمناطق النائية. وهذا الحل يعمل على تقليل المخاطر التى تتعرض لها هذه القطاعات كنتيجة لتذبذب كميات المياه المتاحة خلال المواسم المختلفة، فضلاً عن الحد من المخاطر المستقبلية التى تهدد هذه الموارد وتنبئ بعدم قدرتها على تلبية احتياجات هذه القطاعات من المياه فى غضون عقود زمنية قليلة وهذا بدوره ينعكس بصورة إيجابية على المستوى المعيشى الحالى لأفراد هذه المجتمعات ويضمن لهم استمرارية أنشطتهم الاقتصادية بالمستقبل.

ويختتم الدكتور محمود مدنى حدبثه بدعوة أساتذة الهندسة والعلوم والهندسة الزراعية وغيرهم لتبنى مشروعات تخرج للطلاب تعتمد على تبسيط اصطياد الرطوبة الجوية وباستخدام مصادر طاقة شمسية وحرارية ويؤكد أنه من خلال تلك الدعوة يمكن الوصول إلى صورة تطبيقية لأجهزة اصطياد الرطوبة الجوية تتفق مع ظروفنا الحالية وذات جودة عالية وذلك فى غضون ثلاث سنوات فقط.



No comments:

Post a Comment