امتدت زيادة استهلاك
منتجات اللحوم من أوروبا إلى آسيا مخلفة عواقب على مخزون المياه العالمي ليس من
السهل تحملها. ومع الارتفاع الكبير في عدد سكان العالم، ينبغي تقليل استهلاك
الحيوانات التي تستوجب تربيتها توفير قدر كبير من المياه، أو المخاطرة بتعريض
المليارات من الناس لخطر الجوع بحلول العام 2050.
وخلال سنوات التقشف
التي أعقبت الحروب في انجلترا، دأب الناس على أكل اللحوم مرة في الأسبوع. لكن ومع
انتشار سلاسل التوزيع، أصبح الملايين من الأوربيين يتناولون اللحوم مرتين أو ثلاث
مرات في الأسبوع.
وهذا الإدمان على أكل
اللحوم ليس سبباً رئيسياً من أسباب السمنة فحسب، بل من أسباب إهدار المخزون
العالمي من المياه أيضاً. ووفقاً للخبير توني ألان، واحد من أكبر المتخصصين في
مجال مصادر المياه في العالم، يتجاوز استهلاك المياه للذين يأكلون اللحوم بكثير ما
يتطلبه نظرائهم من الذين يتناولون الخضروات، وذلك نتيجة الكميات الكبيرة من المياه
التي تتطلبها تربية الحيوانات التي تتغذى معظمها من مواد ربما تصلح لاستهلاك البشر
المباشر.
وتشير دراسات ألان،
إلى نتائج مذهلة إذا علمنا أن إنتاج شريحة من الهامبرجر المتوسطة الحجم يتطلب نحو
2400 لتر من المياه و70 لتراً لإنتاج تفاحة واحدة فقط. وفي المتوسط، يستهلك الشخص
النباتي نحو 2,5 لتر مكعب من المياه في اليوم، بينما يزيد استهلاك متناولي اللحوم
عن 5 لتر مكعب والدجاج بين 3,5 إلى 4 ليتر في اليوم.
وعزز التقرير الذي
صدر عن “معهد ستوكهولم للمياه”، موقف هذه الدراسات من المميزات البيئية لتناول
الخضراوات، الذي يرى ضرورة خفض معدل استهلاك اللحوم بنسبة كبيرة حتى لا يستحيل
توفير الغذاء لشعوب العالم خلال الثلاثين سنة المقبلة.
ويقول التقرير :”من
المتوقع عدم توفر الكميات الكافية من المياه لإنتاج المحاصيل الغذائية لإطعام سكان
العالم الذين سيبلغ عددهم 9 مليار نسمة بحلول 2050، وذلك في حالة إتباع النمط
الغذائي الحالي الشائع في الدول الأوروبية القاضي باستهلاك 3000 كيلو من السعرات
الحرارية للفرد الواحد والتي تتضمن 20% من البروتين الحيواني. ومع ذلك من الممكن
توفير المياه التي تكفي، إذا اقتصرت المواد الغذائية الحيوانية على 5% من مجموع
السعرات الحرارية”.
وتوصل علماء الأمم
المتحدة إلى نتائج مشابهة، حيث أكد التقرير الذي صدر في 2006 أن قطاع اللحوم يساهم
بشدة في تدهور التربة والتغير المناخي والتلوث البيئي ونقص المياه وتلوثها وفقدان
التنوع الإحيائي. ويقدرون أن تربية الدواجن والماشية والحيوانات الأخرى تساهم في
الاحتباس الحراري بنحو 18%، أي ما يفوق قطاع المواصلات عند 13%. كما خلص تقرير صدر
عن البنك الدولي، إلى أن أكثر من 90% من غابات الأمازون، تم قطعها بغرض إنتاج
اللحوم.
وفي غضون ذلك، ربما
يقود النظام الغذائي في آسيا والذي أصبح يعتمد على اللحوم لتلبية طلب الطبقة
الوسطى المتزايدة، إلى نقص حاد في الغذاء.
كما أن الرغبة
الكبيرة في استهلاك اللحوم تتطلب تغييراً جذرياً لطرق ري المزارع لتوفير الغذاء
لسكان المنطقة الذين من المتوقع أن يبلغ تعدادهم بحلول 2050 نحو 1,4 مليار نسمة.
وفي حين يتم إنتاج
نحو 4600 كيلو من السعرات الحرارية لكل فرد يومياً، لا يتبقى منها سوى 2000 فقط
نتيجة عوامل مثل المحاصيل التي تذهب لتغذية الحيوانات والتي تُفقد جراء عمليات
الحصاد والتوزيع وفي المنازل.
وتختلف العوامل التي
تقود إلى فقدان الغذاء وإلى مخلفاته بين البلدان الغنية والنامية. ويمثل عدم توفر
التقنيات الكافية وسلاسل التوريد، المشكلة الرئيسية في البلدان النامية، حيث من
الضروري الحصول على المزيد من الاستثمارات لإرساء البنية التحتية لوسائل التخزين
الحديثة والمواصلات والتبريد والتوزيع، وكذلك طرق التعليب ومعالجة المواد
الغذائية.
وبصرف النظر عن وضوح
الرسائل التي خرجت بها هذه التقارير، إلا أنه ليس من المتوقع أن يفرض المسؤولون
نظماً تقضي بخفض مستوى استهلاك اللحوم والمخلفات، لذا فإن مسؤولية استهلاك المواد
الغذائية والمياه تقع في المقام الأول على عاتق أفراد المجتمع.
الاتحاد الاماراتيه نقلاً عن: إيكونومي
واتش الأربعاء 26 ديسمبر 2012
No comments:
Post a Comment