Thursday, 9 May 2013

السلام الأزرق الأداة المثلى لتحقيق الأمن المائى فى الشرق الأوسط


المصدر:(الاهرام)المجلة الزراعية 1.5.2013
 بقلم هويدا عبد الحمبد
أزمة المياه في الشرق الأوسط ليست جديدة والدراسات العلمية تتوقع زيادة هذه الأزمة خلال العقود الثلاثة المقبلة نتيجة عوامل التصحر والتغيّر المناخي من جهة، وزيادة السكان وبالتالي زيادة الطلب على المياه من جهة أخرى.
وفى هذا الصدد أكدت مبادرة السلام الازرق للشرق الاوسط على مبدأ التعاون الإقليمى فى مسألة المياه وليس من الضرورى انتظار الوقت المناسب فليست هناك لحظة مثالية لبدء التعاون السياسي، بل ينبغى البدء فى ذلك على وجه السرعة، بشرط أن يكون التعاون متعدد الأطراف فى حالة الأنهار العابرة للحدود، من أجل نتائج أفضل، كما يتبين من تجارب أوروبا وأفريقيا وآسيا. جاء ذلك خلال المؤتمر الذى عقد مؤخرا فى اسطنبول برعاية مجموعة الاستشراف الاستراتيجى الهندية وبتمويل من الوكالة السويدية للتعاون والتنمية الدولية والوكالة السويسرية للتعاون والتنمية. بمشاركة أكثر من 65 مشاركاً من بينهم د. محمود أبوزيد وزير الموارد المائية والرى الاسبق ونواب ومسئولين حكوميين سابقين وخبراء مياه وباحثون وإعلاميون من تركيا والعالم العربى وأوروبا والولايات المتحدة.
ومن جانبه قال د. محمود أبوزيد وزير الرى والموارد المائية الاسبق: أن نصيب الفرد من المياه تناقص فى الدول العربية، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً لهم، فالحل الوحيد هو استخدام مياه النيل فى الاستثمار الزراعى للدول العربية، والاستفادة منها فى دول الخليج التى تعانى من نقص فى الأمن الغذائى خاصة فى البحرين، وهذا الأمل الوحيد فى توفير مواد غذائية لهم.
كما أوصى المشاركون إلى ضرورة الرصد المشترك لكمية ونوعية تدفقات المياه، والصرف وقياس البيانات والدراسات المشتركة لأحواض الأنهار من الدول المجاورة. فالمياه ليست مطلوبة للاستهلاك المباشر فحسب، بل هى ضرورية أيضاً للغذاء والطاقة المائية والكهرباء والصحة والصناعة وأغراض أخرى كثيرة. ولذلك، ينبغى اشتراك وزارات البيئة والصحة والطاقة والشئون الخارجية. كما شددوا على أهمية دور الإعلام فى توعية الجمهور بأهمية المياه وضرورة ترشيد استهلاكها وعدم الإسراف فى الضخ والاستهلاك من أجل المساهمة فى التخفيف من أزمة المياه، وانعدام ثقافة المياه لدى العالم العربي.
ومن ناحية أخرى أكد د. طالب مراد مستشار الزراعة والامن الغذائى بحكومة كردستان بالعراق وأحد المشاركين بالمؤتمر أنه توجد أنهار فى العالم بها لجان للمياه مثل نهر النيل والراين والدانوب. وهناك (270) نهرا فى العالم من بينها (24) نهرا بها مشاكل كنهر النيل ودجلة والفرات. ووفقا لتقرير لإحدى المنظمات الدولية ان نحو (227) مليون هكتار فى العالم تم الاستحواذ عليها منذ عام 2000. إما بشرائها من دول فقيرة او باقامة مشروعات تحتاج الى مياه لزراعتها. والان هناك هجمة شرسة من الصين والهند وصناديق التقاعد الاوروبية على اثيوبيا للحصول على ارض زراعية مما يؤثر بالسلب على مياه النيل. ولهذا هناك تخوف من سد النهضة الذى سيؤثر بالتأكيد على حصة مصر من المياه. محذرا من انه اذا استمرت اثيوبيا فى توسع الاستثمار الزراعى ان لم يكن فى حقيقة الامر استحواذا واستعمارا زراعيا. ستنجم العديد من الثورات فى المنطقة.
واضاف ان مساحة الاراضى الزراعية فى العالم تبلغ نحو 2.7مليار هكتار. المستغل منها 1.5 مليار فقط. وهذا يعنى وجود 1.2 مليار هكتار معرضة للاستحواذ عليها علما بأن المياه العذبة فى العالم تمثل 2.5% مياه عذبة منها 0.4% فقط مياه عذبة فى شكل انهار وواحات وخزانات للمياه. لذلك المشكلة تتمثل فى ربط الاراضى الزراعية بالمياه العذبة المحدودة ونقف امام تحدٍ اخر وهو تضاعف اعداد السكان بعد ثلاثين عاما .مما يجعل جميع الدول تفكر فى تحقيق الامن الغذائى. وهذا ما تفعله دول الخليج بالاستثمار فى اراض خارج حدودها لندرة المياه بها أو نفاذها كما فعلت السعودية عندما زرعت القمح والبرسيم واكتفت منهما ذاتيا حتى نفذت المياه منذ عشرين عاما. كما أصبح الهم الأكبر فى دول مجلس التعاون الخليج العربي، خاصة البحرين وقطر بالنسبة لهم الأمن الغذائى مسألة ذات أهمية كبيرة، ويرجع ذلك إلى السبب الرئيسى فى ذلك أن الزراعة فى هذه الدول لا تستطيع سد النقص فى الغذاء، إضافة للوافدين الذين يزيدون أضعافاً على السكان، فهذه أفواه تحتاج إلى أكل ومياه.
وعلى الجانب الاخر نجد أن تركيا قامت ببناء 22 سدا على نهر دجلة و12 سدا على نهر الفرات وبذلك ستشح المياه لدرجة أن هناك اماكن فى العراق جفت بها المياه واصبح التنقل يتم بشكل برى وليس نهريا. مؤكدا انه من الممكن ان تنشب حرب للمياه لاسيما وان اول حرب كانت ناجمة عن المياه منذ 4500 سنة بالعراق.
ووفقا لتقرير صدر مؤخرا لوكالة "ناسا" ان وادى دجلة والفرات فقد حوالى 144 مليار متر مكعب من المياه منذ 2003 وحتى نهاية 2009 بفعل الابخرة أو نفاذ المياه الجوفية مشددا على انه اذا استمرت نسبة الفاقد بنفس الشكل ستصبح الارض جرداء.
وأوضح د.طالب مراد ان المياه ليست سلعة للتبادل بل هى حق من حقوق الانسان فى الحياة ولا يجب ان تتحكم فيها دولة على حساب أخرى. لاسيما ان الامن الغذائى والمياه والارض الزراعية عناصر مرتبطة بعضها البعض تكمل كل واحدة منها الاخرى. والا اصبح مصير البشرية هباءا منثورا.
جدير بالذكر ان مبادرة «السلام الأزرق فى الشرق الأوسط»، التى أطلقت عام 2010، بتمويل سويسرى وسويدى تهدف إلى استخدام المياه كأداة لصنع السلام وتعزيز التعاون لتحقيق الأمن المائى فى المنطقة.
كما اختير شعار اليوم العالمى للمياه لعام 2013 «التعاون فى مجال المياه» وذلك تماشياً مع اختيار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2010، عام 2013 «السنة الدولية للتعاون فى مجال المياه» تلبية لاحتياجات الناس الأساسية، ومتطلبات البيئة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر التى تعتمد اعتماداً كبيراً على المياه. والإدارة الجيدة للمياه لاسيما ان المياه تتوزع بشكل غير متساوٍ فى المكان والزمان والاضطرابات التى تحدث فيها لها آثار متعددة الجوانب. والنمو السريع للمناطق الحضرية، والتلوث، والتغيرات المناخية كلها تهدد مصادر المياه. فى حين أن الطلب على المياه يزداد باستمرار لتلبية احتياجات سكان العالم (الذين تجاوز عددهم 7 مليارات نسمة) لإنتاج الغذاء والطاقة ولاستخدامات المياه الصناعية والمنزلية.


No comments:

Post a Comment