مدينة زاخو، هذا الاسم الرنان الذي يجعل
المرء يردده مرات عدة ويحبها كل من زارها ويعشقها كل من سكنها ومن المستحيل أن
ينساها في يوم من الأيام، انها مدينة الأصالة والتاريخ، حيث تعتبر من أقدم وأعرق
مدن جمهورية العراق الإتحادية بشكل عامة وإقليم كردستان بشكل خاصة، وقليلة هي
المدن التي تنافسها في الشهرة بل هي تنافس أعرق وأكبر مدن العراق في هذا المجال،
هذه الشهرة هي بالتأكيد تأتي من أشياء متميزة عديدة منها: تاريخها القديم وموقعها
الجغرافي المتميز وجسرها الحجري البديع ونهرها العتيق وحتى اسمها البارز وسهولة
حفظها في الذاكرة، أما سكانها وأهلها فيشهد لهم بنبل الأخلاق وكرم الضيافة وطيبة
القلب والأهم من كل هذا تسامحهم واحترامهم للأديان والطوائف والأعراق والأقليات
المختلفة الذين يعيشون في هذه المدينة بسلام ووئام وتسامح واحترام متبادل بين
ابنائها المختلفة وقبول الطرف الآخر برحابة الصدر.. هذه هي مدينة "زاخو"
والذي يفتخر بها أهلها محبيها.
يعرف الجميع ما تعانيه المنطقة من جفاف ونقص
مستمر في مصادر المياه ونقص خطير في منسوب مياه نهر "خابور" الذي يمر
عبر مدينة زاخو منذ آلاف السنين، وهو بمثابة شريان الحياة للمدينة وبدونه لن تكون
هناك مدينة بهذا الشكل، واليوم يعاني هذا النهر من أمرين خطيرين: الأول هو قلة
منسوبه والأخرى هو كثرة النفايات على ضفافه مما يبعث في نفوس أهل المدينة وزوارها
ومحبيها الحزن والأسى والخوف من ضياع هذه الثروة التي لا تقدر بثمن..، ومن أجل انقاذ
هذه الثروة وبالتالي انقاذ تراث المدينة المرتبط ارتباطاً وثيقاً بنهرها الخالد،
اقترح على الجهات المختصة مشروعاً طموحاً يمكن أن نسميه مشروع إحياء نهر
"خابور" ويتضمن عدة نقاط، منها: انشاء لجنة مختصة تضم خبراء ومهندسين من
أبناء المدينة مهمتها حماية وإحياء نهر خابور وروافدها من خلال إعداد دراسات
أكاديمية حول النهر ومستقبله، وانشاء حواجز مائية لغرض انشاء مسطحات مائية وشلالات
جميلة على طول المسافة التي يمر منها النهر عبر المدينة، وهنا لابد أن أشير إلى أن
حكومة إقليم كردستان سوف تقوم ببناء حاجز مائي او أثنين على النهر داخل المدينة
لغرض حجز المياه، وهذه خطوة مشجعة يستحق الثناء والتقدير منا جميعاً، ولكن لابد أن
نشير أيضاً إلى أن هذا لا يكفي لعلاج مشكلة النهر ولابد أن يكون هنالك عدداً
كافياً من الحواجز المائية على طول النهر بحيث لا تقل عددها عن سبع حواجز في مواقع
مختلفة داخل المدينة، وبناء أماكن مناسبة وفي مواقع مناسبة للإستراحة والإستجمام
على ضفتي النهر، بحيث تكون بمثابة كورنيش للمدينة تستفيد منها أهل المدينة والسياح
الذين يزرونها، وتنظيف ضفتي النهر وتبليطهما بالحجارة، وهنا أقترح على شباب زاخو
أن يؤسسوا جمعية ضمن منظمات المجتمع المدني للمحافظ على نظافة نهر خابور ونشر
الوعي البيئي بين سكان المدينة، ووضع علامات وإرشادات على طول النهر داخل المدينة
يحذر الناس من الأماكن الخطرة للسباحة وعدم رمي النفايات فيه، وإعلام الناس أن
المخالفين للإرشادات سوف يغرمون بمبلغ مالية، وتعمير أجزاء من ساقية النهر القديمة
والتي تسمى (جوكا بكى) لكي يعود للنهر رونقه، وبناء النواعير على النهر لغرض تجميل
منظره ومنظر المدينة، هذا ويمكن لأبناء المدينة أن يبدعو أكثر في هذا المشروع
الطموح.
زاخو الغالية على قلوب أبناء إقليم كردستان
والعراقيين بشكل عام، تنتظر من أهلها ومحبيها ومن حكومة الإقليم الكثير لكي تتألق
أكثر فأكثر، وعلى أهلها أن يهتموا أكثر بنظافة وجمال مدينتهم ونهرهم الخالد، وعلى
المختصين في التاريخ من أبناء المدينة أن يجتهدوا أكثر في كتابة تاريخ زاخو
وتراثها وامجادها، وهنا لابد أن نوجه التحية وكل التقدير إلى تلك الاقلام التي
كتبت وتكتب عن هذه المدينة الخالدة، وعلى حكومة الإقليم أن تقدم المزيد من الخدمات
والبنى التحتية والمشاريع الصناعية والسياحية لهذه المدينة، كما وعلى منظمات
المجتمع المدني وخاصة المختصة بشؤون البيئة، العمل بجد من أجل انقاذ نهر خابور
واحيائه وجعل مدينة زاخو العريقة مدينة للشلالات.
بسار شالي- مهندس زراعي
صوت كوردستان
No comments:
Post a Comment